يعتبر الفشل أحد التجارب القاسية ومراحل الحياة التي يمكن أن يتعرض لها ويمر منها جميع الناس في إحدى فترات حياتهم، بحيث يعجزون عن تحقيق هدف مسطر أو الوصول إلى نقطة معينة. إلا أن الناس نوعان في التعامل مع الفشل، نوع أول يمر من الفشل ويجيد التعامل معه ويتجاوزه ويجعله درسا يتعلم منه في طريقه إلى النجاح. ونوع ثاني لا يحسن التعامل معه ويكون ذلك الفشل سببا في فشله وإخفاقه أكثر في حياته. لذلك قررنا التطرق في هذا المقال إلى التعامل مع الفشل والطريقة الصحيحة والصحية للتعامل معه وتجاوزه بنجاح دون أن يترك أي تأثيرات في حياة الإنسان.
تعريف الفشل
يعرف الفشل بشكل عام بأنه الإخفاق في تحقيق هدف معين والوصول إلى نقطة مسطرة، وذلك نتيجة لتحديات عديدة استوجبت التوقف عن المحاولة بسبب الوصول إلى طريق مسدود. وأصبح يعرف بكونه إحدى طرق الحصول على تجارب أكثر، لزيادة القدرة على التعامل مع الأهداف وتحقيقها بشكل أسهل وأكثر وضوحا، وفرصة لاكتساب خبرات ومهارات أكثر.
أسباب الفشل
تتعدد أسباب الفشل، وتحقيق النجاح يستوجب بشكل أو بآخر معرفة أسباب عدم القدرة على تحقيقه، للقيام بتجنبها وأخذ الحيطة والحذر منها. فيما يلي الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى الفشل:
عدم القدرة على الالتزام
ليس من الضروري أن يكون الشخص الذي فشل وأخفق شخص يفتقر إلى المهارات والموهبة، بل من الممكن أن يكون شخصا ذكيا وذا مهارات عالية لكن يفتقر إلى الالتزام والقدرة على الانضباط لتحقيق الهدف. فالنجاح لا يتطلب الموهبة لوحدها، بل يتطلب الكثير من العمل الجاد والالتزام والانضباط والمثابرة.
المماطلة والتأجيل
تعد المماطلة والتأجيل إحدى أسوء العادات التي من الممكن أن تؤدي بالشخص إلى الفشل، حيث أن العمل من دون وضع قائمة أولويات وترك المهام تتراكم يؤدي بشكل أو بآخر إلى عدة ضغوط نفسية. ومع مرور الوقت يصعب تحقيق تلك الأهداف بسبب الضغوطات.
عدم تحمل المسؤولية
تعتبر عدم القدرة على تحمل المسؤولية إحدى أهم أسباب الفشل، حيث يعجز الأشخاص الفاشلون على تحمل مسؤولية الأشياء التي يقومون بها، ولا يمكنهم الاعتراف بالخطأ الشيء الذي يجعلهم يجدون أعذارا لكل شيء. ولهذا لا يتمكنون من مواجهة مشاكلهم وأسباب فشلهم وتجاوزها أو الاستفادة منها.
عدم طلب المساعدة
يميل العديد من الأشخاص إلى تجنب العمل مع أشخاص آخرين ويفضلون العمل على أهدافهم وأعمالهم ومشاريعهم بمفردهم. هذا يؤدي إلى تبديد الكثير من الوقت والطاقة في مهام يمكن تفويضها، كما يؤدي إلى الوقوع في الخطأ بشكل أو بآخر بسبب عدم أخذ استشارة.
انتظار الوقت المثالي للبدء
يقضي الكثيرون وقتهم في التفكير بشأن طريقة بدء العمل على هدفهم بشكل مثالي لتحقيقه دون مشاكل، الشيء الذي يجعله يبدد الكثير من الوقت والجهد ويفقده الحماس للعمل على هدفه. حيث أن تلك الأفكار تتراكم ما يجعله تائها نوعا ما ولا يعرف نقطة البداية.
آثار الفشل
يعد الفشل إحدى التجارب المحبطة للغاية والتي تؤثر بشكل سلبي على حالة الانسان سواء من الناحية النفسية، الجسدية، أو الاجتماعي. ويمكن أن نذكر من بين هذه الآثار ما يلي:
الآثار النفسية
للفشل العديد من التأثيرات على صحة الانسان النفسية، والتي يمكن أن نذكر منها:
الإحباط وفقدان الحافز: يشعر فيها الشخص أن جميع الجهود التي قام ببذلها لم تأت ثمارها، ويمكن أن يجعله هذا يفقد الرغبة في المحاولة مجددا.
انخفاض تقدير الذات: حيث أن الشخص يبدأ برؤية نفسه بنوع من الدونية، خصوصا إن كان يربط قيمته الشخصية بالنجاح.
الاكتئاب والحزن: يدخل الكثير من الأشخاص في مرحلة اكتئاب بسبب الفشل، يجعل هذا الشخص يحس بثقل سلبي في الذات.
الآثار الجسدية
للفشل العديد من الآثار الجسدية التي يمكن أن تؤثر على حياة الانسان. حيث أن الآلام النفسية التي يؤدي إليها الفشل، مثل الاكتئاب والقلق، ترتبط ارتباطا وثيقا بمجموعة من الآلام الجسدية التي يمكن أن تصيب الشخص دون أي سبب عضوي. كذلك يمكن أن يصاب الشخص الذي فشل في تحقيق هدفه غالبا بالأرق ومشاكل في النوم، الشيء الذي يمكن أن يؤدي إلى شعوره بالإرهاق والتعب.
الآثار الاجتماعية
يجعل الفشل الشخص يميل إلى العزلة بنفسه بسبب الاكتئاب والقلق الذي يصيبه بسبب عدم قدرته على تحقيق أهدافه، إضافة إلى أن شعوره بالغضب يزداد إلى حد كبير ويصبح عدوانيا. كما أنه يصبح يشعر بالدونية ويقل عنده تقليل الذات الشيء الذي يؤدي إلى التأثير سلبا على حياته.
طرق التعامل مع الفشل
توجد مجموعة من الطرق التي يمكن اتباعها للخروج من الفشل بطريقة صحية وبأقل الأضرار، بحيث يمكن أن تجعل الفشل سلاحك في تحقيق النجاح في بقية أهدافك. إليك هذه الطرق:
اعترف بفشلك
حاول أن تكون صادقا مع نفسك إلى أقصى حد واعترف بفشلك. لا تحاول الإصرار على الخطأ وعدم الاعتراف بالخطأ وإنكاره. توجد آلاف الأعذار التي يمكن أن تقولها لنفسك، لكنها لن تجعلك تنمو وتتقدم. لكن الصدق مع نفسك سيمكنك من تحقيق أقصى استفادة ممكنة من فشلك، وسيجعل الفشل سلما للنجاح.
ابتعد عن الأشخاص السلبيين
الأشخاص السلبيون يحاولون زيادة ومضاعفة شعورك بالفشل والخسارة ليثبتوا لك أن وجهة نظرهم دائما كانت على حق، حاول ما أمكن أن تتجنب أولئك الفاشلين الحقيقيين الذين لا يمكنهم حتى الشعور بمتعة المحاولة.
انظر للفشل كأنه درس
لا تأخذ في الفشل كنهاية لمسيرتك في تحقيق أهدافك الشخصية والمهنية على حد سواء، بل اعتبره مجرد طريقة لاكتساب مهارات وخبرات ومعارف أكثر. وحاول أن تأخذه كطريقة للوصول إلى مرحلة يسهل عليك فيها التعامل مع أهدافك كيف ما كانت ومهما كانت صعوبتها.
خالط الأشخاص الناجحين
مخالطة الأشخاص الناجحين ستصيبك حتما بعدوى النجاح، فهم لديهم خبرات وتجارب كثيرة، كما أنهم مروا بتجارب فشل أكثر منك وعلى دراية بالطرق الصحية لحل المشاكل والتعامل معها. كذلك الأشخاص الناجحون سيدعمونك في كل أوقاتك وسيساعدونك على حل مشاكلك وتخطي الأوقات الصعبة التي تعيشها بالحلول اللازمة.
خذ وقتا للراحة
حينما تفشل احرص على أن تأخذ بعض الوقت للراحة، لتتجاوز مرحلة الحزن التي لا بد منها بعد الفشل. خذ قسطا من الراحة ونم بما فيه الكفاية، لكيلا يتراكم بداخلك الحزن ويؤثر على صحتك وحماسك وعزمك. هذا سيجعلك تعود بطاقة جديدة وقوة أكبر.
تذكر نجاحاتك
حينما نفشل في تحقيق أهدافنا، نغذي الحزن أكثر بتذكرنا لتجاربنا الفاشلة الأخرى. الشيء الذي يؤثر أكثر على حالتنا النفسية والجسدية والاجتماعية، ويدخلنا في دوامة من الأفكار المحطمة للمعنويات والاكتئاب الذي لا فائدة منه. احرص حينما تفشل دائما أن تتذكر الأهداف الشخصية والمهنية التي حققتها، وقم بالاعتزاز بالإنجازات التي انجزتها، ذلك سيساعدك في تخطي مرحلة الفشل والمضي إلى أهداف جديدة.
ابدأ بداية جديدة
الحياة لا تنتهي عند الفشل في تحقيق هدف ما، بل هي بداية جديدة أقوى تخلصت فيها من عدد من نقاط دفاعك، وتعلمت فيها عدد دروس أكثر ستسهل عليك الوصول إلى أهدافك القادمة وتحقيقها.